أثار كتاب منسوب لوزارة التربية العراقية، تحدث عن إحالة قطعة من غابات الموصل إلى الاستثمار بهدف "إنشاء مجمع سكني"، ضجّة واسعة في محافظة نينوى، فيما دعت بلدية الموصل إلى إنقاذ غابات الموصل من "الانتهازيين والمنتفعين"، بينما أعلن مجلس المحافظة إصدار قرار يمنع تحويل جنس الأراضي الخضراء في المحافظة.
وتتميز منطقة غابات الموصل، بموقعها الحيوي والاستراتيجي، الذي يحاذي نهر دجلة، ويعتبرها أهالي المحافظة متنفساً لهم أيام الصيف، حيث تكثر فيها المتنزهات والمقاهي والمطاعم فضلاً عن المساحات الخضراء الطبيعية التي تتوسطها مئات الأشجار المعمّرة.
القصة بدأت بعد نداء من مدير بلدية الموصل عبد الستار الحبو، عبر تدوينة على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، تابعتها "الجبال"، إلى أهالي نينوى، بعنوان "انقذوا غابات الموصل".
وجاء في تدوينة الحبو التي اطلعت عليها "الجبال"، والتي كانت تتضمن كتباً رسمية، "انقذوا غابة الموصل من الأيادي التي تمتد لتدميرها، وادعموا المحافظ وبلدية الموصل اللذان يبحثان عن كل متر أرض غير مزروع ليتم زراعته وجعله ينبض، وخير دليل غابة المهندسين وتل الرمان وباب الجديد وباب شمس الذي هو تحت التطوير وزراعة أكثر من 50 ألف شجرة في هذا الموسم و50 ألف شجرة العام الماضي، حيث سبق وأن تم تحويل غابات الموصل 800 دونم باسم بلدية الموصل بأمر رئاسي لغرض تطويرها (باستثناء المخيم الكشفي أرض وقطعة أرض لغرض أبحاث إعدادية الزراعة ومشتل واحد للبستنة) ورغم العبثية الحاصلة فيها إلا أننا كبلدية استطعنا وبدعم من المحافظ شخصياً وجهود الشباب، من إعادة تعويض الغابة وزراعة الأشجار التي قطعت في الفترات السابقة والتي أُحرقت بفعل فاعل، وفي نفس الوقت، لعمل متنفس كبير لأبناء مدينة الموصل وكذلك لمنع العبث في الغابة الجنوبية، حيث تم تخصيص مبلغ من قبل المحافظ لإطلاق أكبر متنفس وهو بارك الغابة الجنوبية بمساحة 130 دونم كجزء من الغابة".
الأرض مسجّلة باسم وزارة التربية
وأضاف، "للأسف وبقدرة قادر ظهرت القطعة مسجلة باسم وزارة التربية، ولا نعرف كيف سجلت وظهر ذلك بعد تحرير مدينه الموصل من عصابات داعش، ومع ذلك وقبل المباشرة تم أخذ موافقة وزير التربية من قبلي شخصياً، ومن قبل مدير عام التربية الأسبق خالد الشاهين وبحضور مدير القانونية والأملاك في التربية، وقد تم عمل محضر بذلك، وقد خصص المحافظ عبد القادر الدخيل مبلغ المرحلة الثانية من المشروع ليكون أجمل وأفخم بارك على مستوى كل المحافظات العراقية، لتقوم وزارة التربية ضاربة عرض الحائط موافقاتها وإقامة دعوى على البلدية والمحافظة، الغاية من هذه الدعوى إزالة الغابة و(البارك) الذي هو قيد التنفيذ ومنحه فرصة استثمارية سكنية وكأن هذه الغابة هي شوكة في عيونهم ويجب إزالتها".
وتابع، "ومن هنا، أدعو أبناء مدينة الموصل الأصلاء، ورجال القانون، الوقوف مع المحافظ والبلدية لإيقاف هذه الإجراءات، وإنقاذ الغابة التي أسسها الأجداد من عمالقة رجال نينوى، ليهدمها المنتفعون والانتهازين الذين يحزنهم أن يروا نينوى متعافية وشامخة".
أشجار عمرها مئات السنين
من جانبه، دعا عضو مجلس محافظة نينوى محمد هريس الشمري، مجلس المحافظة والحكومة المحلية في نينوى، للوقوف على حيثيات القضية ومنع قطع أشجار غابات الموصل الذي اعتبره بـ"الأمر المرفوض".
وقال الشمري في تصريح لـ"الجبال"، إن "منح هيئة الاستثمار 240 دونماً لإنشاء وحدات سكنية ومحال تجارية من منطقة غابات الموصل، أمر مرفوض، ومجلس محافظة نينوى أصدر قراراً قبل عدة أشهر، يمنع تغيير جنس الأراضي الخضراء في عموم محافظة نينوى".
وأضاف، أن "قطع الأشجار وتقليل المساحات الخضراء في نينوى سيؤدي إلى ارتفاع نسب التلوث وارتفاع درجات الحرارة، علماً أن بعض أشجار غابات الموصل يبلغ عمرها مئات السنين".
ودعا الشمري، مجلس محافظة نينوى وحكومة نينوى المحلية، إلى "اتخاذ قرارات صارمة لمنع قطع الأشجار ومعاقبة من يقوم بهذا الفعل"، مشيراً إلى أن "محافظة نينوى تحتاج إلى مساحات خضراء إضافية لخلق بيئة مستدامة في السنوات القادمة".
بدوره، أصدر تحالف "العزم"، بياناً، أعرب فيه عن "رفضه" لأي إجراءات أو محاولات من شأنها المساس بغابات الموصل.
وقال إعلام التحالف في بيان تلقت "الجبال"، إنه "يؤكد تحالف العزم في نينوى رفضه القاطع لأي إجراءات أو محاولات من شأنها المساس بغابات نينوى والمساحات الخضراء فيها، تحت أي عنوان أو ذريعة، بما في ذلك المشاريع الاستثمارية أو غيرها، لما تمثله هذه المناطق من أهمية بيئية وحيوية لأبناء المحافظة".
وأضاف البيان، "ويشدد التحالف على أن الحفاظ على الغطاء النباتي والمساحات الطبيعية في نينوى مسؤولية وطنية يجب أن تتضافر الجهود لحمايتها، وعدم السماح بأي تجاوزات تؤثر على التوازن البيئي أو تهدد إرث المحافظة الطبيعي".
كما دعا التحالف، الجهات المعنية، بحسب البيان، إلى "الالتزام بالحفاظ على هذه المناطق وفق القوانين النافذة، ومراعاة مصلحة أهالي نينوى في أي خطط تتعلق بالتنمية العمرانية، مع التأكيد على ضرورة إشراك المجتمع المحلي والجهات المختصة في أي قرارات تتعلق بمستقبل هذه المساحات".
وتابع، "وسيبقى تحالف العزم ثابتاً في موقفه الداعم لحماية بيئة نينوى، وضمان عدم استغلالها بشكل يضر بمصلحة سكانها وأجيالها القادمة".
وكتب المحلل السياسي الموصل مؤيد الجحيشي، منشوراً على صفحته في الفيسبوك تابعته "الجبال"، منشوراً طالب فيه بـ"طرد" تحالف العزم "من صلاح الدين وكركوك والموصل"، معتبراً أن "الكتل السنية استفحلت بالجرم" وفق تعبيره.
التربية تنفي
إلى ذلك، نفت وزارة التربية الأنباء المتداولة حول إحالتها قطعة أرض من غابات الموصل إلى الاستثمار.
وقالت الوزارة في بيان تلقت "الجبال" نسخة منه، إنه "بعد تداول خبر إحالة غابات الموصل إلى التجريف والاستثمار من قبل وزارة التربية، نود الإيضاح بأن هذه الأخبار عارية عن الصحة ولا يمكن للوزارة المساس بالمساحات الخضراء والإرث الموصلي العريق، لذا أرسلت وزارة التربية رسائل اطمئنان إلى أهالي نينوى الحبيبة، مؤكدة أنها تعمل ومنذ أسابيع طوال على تخصيص قطع أراض تصلح لبناء مجمعات سكنية تليق بالتربويين نظير جهودهم المقدمة في خدمة العملية التعليمية في عموم محافظات العراق، وكما وفرنا أراض سكنية للتربويين في المثنى، شرعنا العمل بالمثل في نينوى، علماً أن وزارة التربية حريصة كل الحرص عند اتخاذ هكذا خطوات الالتزام بالكشوفات والإجراءات القانونية التي لا تؤثر على الغابات".
وأضاف البيان، "كما تنوه الوزارة، إلى أنها قامت بتحويل كتاب وارد إليها من قبل الهيئة الوطنية للاستثمار بشأن قيام إحدى الشركات بتطوير منطقة الغابات بشكل لا يتعارض مع الخطط العمرانية أو البيئة المحيطة".
أدناه وثائق منقولة من صفحة مدير بلدية الموصل، والذي يتضمن رفع دعوة قضائية من قبل وزارة التربية ضد بلدية الموصل ومحافظ نينوى بشأن قطعة الأرض المذكورة: