إنقاذ التاريخ من "إسرائيل".. انتشال مخطوطات من تحت ركام الحرب في غزة

4 قراءة دقيقة
إنقاذ التاريخ من "إسرائيل".. انتشال مخطوطات من تحت ركام الحرب في غزة إخراج مخطوطات من تحت ركام جامع "المسجد العمري الكبير" في غزة - AA

تعود لسبعة قرون

وسط ركام مكتبة "المسجد العمري الكبير" التي تأسست قبل سبعة قرون ودمرتها آلة الحرب الإسرائيلية، تمسكت الفلسطينية حنين العمصي ببقايا كتب ومخطوطات قديمة، تزيل برفق الغبار المتراكم عليها، وتفحص بحذر أوراقها المتهالكة التي تحمل بين سطورها تاريخاً عريقاً.

 

في المكان المدمر جراء الحرب الإسرائيلية التي تواصلت على قطاع غزة لأكثر من 15 شهراً، تتناثر حجارة متكسرة مختلطة بأوراق وكتب ممزقة، بينما يعلو صمت الخراب.

 

ورغم مشهد الدمار الذي يحيط بكل شيء، لا يزال الأمل في إنقاذ هذا التاريخ العريق ينبض في قلوب الفلسطينيين، الذين يسعون لإحياء ما دُمّر وحفظ ما تبقى من إرث ثقافي وديني.

 

"مخططات تعود لنحو 700 عام"

 

بأقل الإمكانيات المتاحة، وبأيديهم التي لم تتوقف عن البحث، يواصل طاقم فني فلسطيني من وزارة الأوقاف بمدينة غزة، برئاسة حنين العمصي، عمله في استخراج المخطوطات والوثائق والسجلات والآلاف من الكتب النادرة التي تعود إلى نحو 700 عام من مكتبة المسجد الأثري.

 

المسجد يُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة قرب السوق القديم، وتبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 متراً مربعاً. وخلال الحروب الإسرائيلية على القطاع تعرض المسجد لأضرار كبيرة، لكن الحرب الأخيرة التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 19 يناير/كانون الثاني 2025 دمرته بالكامل ولم تُبق منه سوى جزء بسيط.

 

"سبع قرون بين الركام"

 

المسجد يضم مكتبة في الجانب الغربي منه، تأسست قبل أكثر من سبعة قرون، وهي مزودة بنحو عشرين ألف كتاب، وتعد ثالث أكبر مكتبة في فلسطين، حيث تبلغ مساحتها 4100 متر مربع. 

 

تحتوي المكتبة على مخطوطات تتنوع بين المصنفات الكبيرة والرسائل الصغيرة، ويعود أقدمها إلى سنة 920 هجرياً.

 

ومن أبرز المخطوطات الموجودة فيها، مخطوطة "شرح الغوامض في علم الفرائض" لبدر الدين المرديني، التي يبلغ عمرها حوالي 500 عام، حسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

 

وبحسب المؤسسة، أغلقت المكتبة أبوابها في أكتوبر 2023، ودُمرت بعد 3 أشهر من الحرب، حيث قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي يوم الثامن من كانون الأول المسجد العمري الكبير ودمرته بالكامل.

 

المخطوطات التي دفنت تحت الأنقاض بفعل القصف العنيف على غزة، والتي كانت شاهدة على حقب زمنية متعاقبة، تجد اليوم فرصة جديدة للحياة.

 

"إنقاذ 123 مخطوطاً"

 

العمصي، مديرة فريق ترميم مجموعة مخطوطات الجامع العمري، قالت في حديث لوكالة "الأناضول" التركية: "انتشلنا مجموعة مخطوطات أثرية، وقمنا بإنقاذ حوالي 123 مخطوطاً من أصل 128، بالإضافة إلى أوراق متفرقة بلغ عددها 78، واستطعنا إنقاذ 63 منها".

 

وتضيف أن المخطوطات في حالة يُرثى لها، وإنها تعرضت لصواريخ واستهداف مباشر، بالإضافة إلى آثار العفن والرطوبة العالية نتيجة بقائها تحت الأنقاض لفترة طويلة.

 

وتلفت العمصي إلى أن "كل شيء أُبيد: الحجر، البشر، والمخطوط"، في إشارة إلى حجم الدمار الهائل الذي طال المسجد وما يحتويه، موضحة أن الفترة الزمنية للمخطوطات تراوح بين العصر المملوكي والعصر العثماني، أي منذ 700 إلى 500 عام.

 

وتشير إلى أنه بعد انتشال المخطوطات، يتم تقديم إسعاف أولي لها من خلال تنظيفها بعناية والحفاظ عليها وإزالة العفن ومحاولة استرجاعها إلى حالتها الأصلية قبل الحرب.

 

في 2 شباط الماضي، أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، سلامة معروف، خلال مؤتمر صحفي عقد بين ركام مشفى الشفاء، أن القطاع أصبح منطقة "منكوبة" جراء الحرب الإسرائيلية.

 

وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، أن "الجيش الإسرائيلي دمر خلال حرب الإبادة 1109 مساجد من أصل 1244، تدميراً كلياً أو جزئياً".

 

الجبال

نُشرت في الاثنين 10 مارس 2025 12:45 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.