تحدّث استاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، الأحد 22 حزيران 2025، عن أهمية مضيق هرمز بالنسبة للاقتصاد العراقي، محذراً في الوقت ذاته من خطورة تداعيات إغلاق المضيق خلال المرحلة المقبلة.
وأعلن التلفزيون الإيراني، في وقت سابق اليوم، أن البرلمان الإيراني "وافق على إغلاق مضيق هرمز"، فيما أشار إلى أن "الأمر لم يحسم بعد، وبانتظار مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني"، وذلك في ردة فعل إيرانية على الضربة الأميركية التي استهدف 3 منشآت نووية إيرانية فجر اليوم.
وقال السعدي في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "أهمية مضيق هرمز بالنسبة للاقتصاد العراقي كبيرة جداً، بل نستطيع القول إن الاقتصاد العراقي بات مرتهناً لهذا الممر البحري الحيوي، الذي يمثل المنفذ الرئيسي وربما الوحيد فعلياً لصادرات العراق النفطية، وكل من يتابع تركيبة الاقتصاد العراقي يعرف أن أكثر من 90% من إيرادات الدولة تأتي من بيع النفط، وكل هذا النفط تقريباً، يتم تصديره من خلال موانئ البصرة جنوب العراق، التي لا يمكن أن تصل إلى الأسواق العالمية إلا عبر الخليج العربي، ومن ثم عبر مضيق هرمز".
وأضاف: "بالتالي، فإن أي اضطراب في الملاحة عبر هذا المضيق، سواء كان ناتجاً عن صراع مسلّح أو إغلاق مقصود أو حتى تهديد جدي باستخدام القوة، سيعني ببساطة أن العراق سيفقد منفذه الأساسي لتصدير النفط، وهذا ليس مجرد خلل في التصدير، بل شلل كامل في قدرة الدولة على تمويل نفسها".
وتابع: "لو افترضنا سيناريو إغلاق المضيق لفترة طويلة نسبياً، فنحن أمام أزمة مالية واقتصادية من العيار الثقيل؛ لأن العراق لا يمتلك حالياً خطوط تصدير فاعلة بديلة، فقط جيهان عبر تركيا المعطل منذ فترة، والممرات الأخرى كالأردن أو السعودية ما زالت في مراحل التخطيط أو التنفيذ ولم تتحول إلى خيارات واقعية".
وأكد السعدي أنه "في هذه الحالة، فإن الدولة لن تكون قادرة على بيع نفطها، وبالتالي لن يكون لديها إيرادات تدخل إلى الخزينة العامة، وقد تقول الحكومة إن لديها احتياطيات نقدية لدى البنك المركزي وهي بالفعل تصل إلى أكثر من 110 مليار دولار لكن هذه الاحتياطيات ليست مصمّمة لتحمّل نفقات دولة بكاملها لفترة طويلة دون تدفق نقدي. فإذا توقفت العائدات النفطية، فإن الحكومة ستلجأ إلى استخدام هذه الاحتياطات لدفع الرواتب وتغطية الدعم الحكومي، وهو ما قد يؤدي إلى استنزاف الاحتياطي خلال سنة إلى سنة ونصف على الأكثر، في ظل عدم وجود دخل بديل أو قدرة على الاقتراض الفعال في ظل أجواء الحرب والقلق الإقليمي".
وأمضى استاذ الاقتصاد الدولي، بالقول: "كما إن هذه الأزمة لن تبقى في إطار المالية العامة، بل ستنتقل مباشرة إلى السوق، وشحّ الدولار يعني ارتفاع سعر صرفه مقابل الدينار، وهذا سيؤدي إلى موجة تضخّم عنيفة تطال أسعار الغذاء والدواء والوقود وكل ما هو مستورد، مما يضرب القوة الشرائية للمواطن، ويخلق أزمة اجتماعية مركّبة، واعتماد العراق المفرط على منفذ واحد لتصدير النفط، وعدم وجود بدائل عملية، يجعله هشاً للغاية أمام أي تهديد جيو - سياسي في المنطقة".
وأردف قائلاً: "أرى أن عدم استباق الحكومات المتعاقبة لهذه المخاطر ببناء شبكة بديلة من خطوط التصدير يمثل فشلاً استراتيجياً كبيراً، والأزمة في مضيق هرمز اليوم لم تعد احتمالاً نظرياً، بل باتت سيناريو قابلاً للتحقق في أي لحظة، سواء بسبب التصعيد الإيراني – الإسرائيلي، أو تدخل أطراف إقليمية أخرى".