العطش العراقي لا ترويه الإطلاقات التركية.. الوضع سيكون "أخطر" بلا خطط واستراتيجيات واضحة

العطش العراقي لا ترويه الإطلاقات التركية.. الوضع سيكون "أخطر" بلا خطط واستراتيجيات واضحة بحيرة ساوة المجففة محاطة بقاع جاف في العراق (AP Photo/Anmar Khalil)

80% من الحصة مفقودة

في ظل أزمة مائية خانقة تضرب العراق منذ سنوات، تتعالى الأصوات الرسمية والخبراء المحذرين من تداعيات كارثية تمس الأمن الغذائي، لا سيما بعد تأكيدات بأن الإطلاقات المائية التركية الأخيرة، رغم أهميتها، لا تلبّي الحد الأدنى من احتياجات العراق. 

 

وعلى الرغم من إعلان تركيا عن إطلاق 420 متراً مكعباً في الثانية من مياه نهر دجلة، يؤكد عضو لجنة الزراعة والمياه ثائر مخيف أن العراق يحتاج إلى ما لا يقل عن 3 مليارات متر مكعب لتغطية احتياجاته، مشيراً إلى أن "هذه الكميات لا تسد العجز المتفاقم، خصوصاً مع شح مياه الشرب وخروج عدد من المحطات عن الخدمة".

 

كميات غير كافية ووعود مؤقتة

 

ويقول مخيف في حديث لمنصة "الجبال"، إن "الإطلاقات المائية التركية الأخيرة إلى العراق، ليست كافية لمعالجة الوضع المائي وأزمة الشح التي يشهدها العراق".

 

وأضاف أن "العراق يحتاج الى ثلاثة مليارات متر مكعب من تركيا لكي يسد احتياجاته المائية"، مبيناً أن "أزمة المياه انعكست على الواقع البيئي والأهوار والثروة الحيوانية".

 

وأشار عضو مجلس النواب إلى أن "تركيا توعدت بإطلاقات مائية تستمر شهرين (تموز وآب)، معربا عن آمله بأن "تستمر وتكون بشكل أكبر".

 

ولفت مخيف إلى أن "شح المياه وصل إلى مياه الشرب في بعض المناطق، والكثير من المحطات خرجت عن العمل بسبب أزمة الجفاف".

 

وأكد البرلماني أن "أزمة المياه أثرت على المحافظات الجنوبية بشكل كبير"، مشيراً إلى أن "الخزين المائي في العراق يتمثل بوجود 9 مليارات وهو رقم متدني جداً".

 

ندرة المياه تُجهِز على الزراعة

 

من جهته، يرى مستشار وزارة الزراعة مهدي القيسي، أن أزمة المياه أثرت على القطاع الزراعي بشكل كبير.

 

وقال القيسي في حديث لمنصة "الجبال"، إن "أزمة شح المياه قد تجاوزناها، وبلغنا مرحلة ندرة المياه، وهو ما أثر بشكل مباشر وواضح على القطاع الزراعي من خلال عدم إقرار الخطة الزراعية لمحصول الأرز، لاسيما في المحافظات المعروفة بزراعته مثل النجف، الديوانية، المثنى والسماوة".

 

وبشأن أسباب شح المياه في العراق، أوضح القيسي أن "قلة الإيرادات المائية من دول الجوار وخصوصاً تركيا، حيث تأتي معظم مواردنا المائية عبر نهري دجلة والفرات، إضافة إلى التغيرات المناخية التي أدت إلى انحباس الأمطار وانخفاض معدلات الهطول، مما فاقم الأزمة".

 

وأكد المستشار أن "النقص الحاصل لا يقتصر على الزراعة فقط، بل يمتد إلى مياه الشرب والاستخدامات اليومية، ويؤثر بشكل خاص على محافظات الجنوب مثل البصرة وذي قار وميسان التي تحصل على الحصة الأقل من المياه، وهو ما يزيد من تركيز الملوثات ويؤثر سلباً على نوعية المياه وليس كميتها فقط".

 

وأوضح القيسي، أن "الأهوار والثروة الحيوانية والسمكية تأثرا بندرة المياه، فقد اعتمدت الوزارة سابقاً على تقنية الأقفاص العائمة لتربية الأسماك في الأنهار لكن التلوث وانخفاض مناسيب المياه ساهما في تراجع هذه المشاريع، كما أن الوزارة أقدمت على ردم العديد من بحيرات الأسماك غير المجازة بسبب شحة المياه".

 

ولفت مستشار وزارة الزراعة إلى أن "ما يجري اليوم لا يؤثر فقط على الزراعة النباتية، بل أيضاً على الثروة الحيوانية، مما يضاعف من خطورة الوضع".

 

وأشار القيسي إلى أن "وزارة الموارد المائية تواصل التنسيق مع وزارة الزراعة، لكن الخلل الأساس يعود إلى قلة الموارد المائية، ما يحدّ من القدرة على تنفيذ خطط زراعية متكاملة"، مبيناً أن "الخطة الصيفية منقوصة تماماً بسبب غياب محصول الأرز، أما الخطة الشتوية فلا تزال غير واضحة حتى الآن، كونها تعتمد على الخزين المائي، والإيرادات المتوقعة، وتوقعات الطقس من حيث كون السنة رطبة أو جافة".

 

وفي الجانب المالي، نوّه القيسي إلى أن "غياب التخصيصات المالية يُعد عائقاً كبيراً يؤثر على نشاطات القطاع الزراعي خاصة وأن الزراعة تتعامل مع كائنات حية لا يمكن تأجيل العناية بها".

 

ودعا الفلاحين والمزارعين إلى "الالتزام بالخطة الزراعية وعدم التجاوز على الحصص المائية، لأن ذلك يضر باقي المحافظات وقد يؤثر على الأمن الغذائي والمائي والصحي والصناعي".

 

شدد القيسي في حديثه على "أهمية وجود رؤية واضحة وخطط جادة لضمان استدامة القطاع الزراعي والإروائي لأن الماء هو أساس الحياة وبدونه يتهدد الأمن الغذائي والبيئي والصحي والاقتصادي". وحذّر من أن "إهمال الأمن الغذائي سيؤدي إلى هجرة سكان الريف نحو المدن، نتيجة تدهور الزراعة، وهو ما سيزيد الضغط على الخدمات الحضرية ويؤدي إلى نقص في الأيدي العاملة الزراعية".

 

العراق فقد أكثر من 80% من حصته

 

بدوره، يرى المختص في شؤون الزراعة والمياه علاء البدران، أن الإطلاقات المائية من تركيا تمثل 20 بالمائة فقط، إي أن العراق فقد أكثر من 80% من حصته.

 

ويقول البدران في حديث لـ "الجبال"، إن "الخطوة التركية المتمثلة بالموافقة على زيادة الاطلاقات المائية الى العراق، ستعزز الخزين المائي العراقي الذي يعاني من تناقص حاد".

 

وأضاف أن "العراق كان يستلم من تركيا في السابق أكثر من 24 مليار متر مكعب، وهذه الكميات ممتازة جداً، لكن في السنوات الأربعة الماضية، عملت تركيا على تقليل الكميات المدفوعة إلى العراق".

 

وأشار البدران إلى أن "العراق ألغى الموسم الزراعي الصيفي لتوفير 4 مليارات متر مكعب من المياه التي كانت تستخدم لأغراض الإنتاج الزراعي الصيفي".

 

ولفت الخبير المائي والزراعي إلى أن "الاطلاقات التركية ستدفع إلى نوع من الاستقرار المائي، إلا انها لا تسد العجز والاحتياجات جميعها"، مبيناً أن "إطلاقات تركيا تمثل 20 بالمائة فقط، والعراق ما يزال على حافة الخطر".

 

يذكر أن تركيا أطلقت 200 متر مكعب في الثانية من مياه نهر دجلة نحو العراق، إذ كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد اجتمع في الأول من تموز الجاري، مع رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني في أنقرة.

 

وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس مجلس النواب العراقي، فإن تركيا قررت، بعد إطلاعها على تأثيرات شحّ المياه في العراق، إطلاق 420 متراً مكعباً في الثانية من مياه نهر دجلة.

 

وأضاف البيان، أن محمود المشهداني طالب الحكومة التركية بإطلاق كميات أكبر من مياه نهري دجلة والفرات، لتصل إلى عموم مناطق العراق، وخاصة المحافظات الجنوبية التي "تعاني من آثار الجفاف.

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الأحد 6 يوليو 2025 01:45 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.