صرح زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم بأن واقع العراق السياسي والاجتماعي "لا يزال يُنتج صوراً من العنف" ضد المرأة، مشيراً أن اضطراب الإدارة والأوضاع في سوريا "يتطلّب حذراً مضاعفاً لمواجهة الانعكاسات الأمنية والإنسانية المحتملة على العراق"، وأن تلك الاضطرابات ترتب "تهديد حقيقي" لأمن المنطقة والدول المجاورة واستقرارها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الحكيم خلال افتتاح الحفل السنوي المنظم من قبل التيار بمناسية اليوم الإسلامية لمناهضة العنف ضد المرأة، في العاصمة العراقية بغداد، بحضور سياسيين وقادة رفيعين في البلد.
وأشار الحكيم في جزء من كلمته إلى الصعوبات التي تواجهها المرأة العراقية مع تسارع الأحداث السياسية وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، قائلاً: "حين تُجبر المرأة أن تكون نسخة مستنسخة من الرجل.. أو تُختزل إلى أداة للعرض أو التسويق.. فإننا نواجه عنفاً أخطر من الأذى الجسدي.. وهو عنفٌ يُقصيها عن ذاتها ويُرغمها على العيش خارج طبيعتها وهويتها"، موضحاً أن "كرامة المرأة لا تصان بالشعارات بل بحفظها من الابتذال، وحمايتها من الاستغلال، وتمكينها في حدود هويتها لا على حسابها".
وأضاف أن "صون المرأة لا يعني حجبها عن العالم، بل إعادتها إلى مركزه، ولكن بالارتكاز على هويتها لا على هوية غيرها. فيجب أن تُشارك وهي واثقة بهويتها لا معتذرة عنها. وأن تبني المجتمع وهي تشعر أن المجتمع يحترمها كما هي ، لا كما يريدها الآخرون"، مؤكداً أن "المرأة العراقية دفعت الثمن الأكبر للصراعات والتجاذبات"، وأن "إنصاف المرأة يبدأ من المدرسة والتعليم والإدارة والمأسسة والقوانين والتعليمات والإجراءات، لا من المؤتمرات والتجمعات والشعارات فحسب".
قال الحكيم إن "واقع العراق السياسي والاجتماعي ما زال يُنتج صوراً متعددة من العنف، من البيت إلى الشارع، ومن الوظيفة إلى الشاشة"، متسائلاً: "أين القانون الذي يحميها؟، وأين الثقافة التي تُعلي شأنها؟، وأين السياسة التي تعتبرها شريكة حقيقية؟"، مطالباً بـ "أولاً/ إيجاد تشريعات تحمي المرأة من العنف الأسري والابتزاز الرقمي والتحرش في بيئة العمل، ثانياً/ تخصيص موازنات حكومية لدعم المرأة المعنّفة والمرأة المهمّشة والمرأة المعيلة، ثالثاً/ إقامة وتنفيذ برامج ثقافية وتربوية تُعيد للمرأة صورتها المتوازنة كإنسانة مكرّمة، ورابعاً/ إعادة الاعتبار للمرأة في المناطق المحررة والمخيمات والمناطق العشوائية وعدم السماح بأن تُنتهك الحقوق وتتضاعف المعاناة بصمت هناك".
وذكر الحكيم أن "التمثيل الحقيقي في مراكز القرار كحق طبيعي"، داعياً العراقيات إلى "المشاركة الواسعة والفاعلة في الانتخابات القادمة، باعتبارها الطريق الأوحد والوسيلة الحضارية الصحيحة للتغيير السلمي وتبادل السلطة في بلدنا".
وتطرق الحكيم خلال كلمته إلى الأوضاع السياسية الراهنة في المنطقة، مشيراً إلى "تحديات كبيرة" تواجه العراق. وقال: "إننا اليوم أمام تحديات كبيرة ومخاطر جسيمة تتعلق بمستقبل العراق والمنطقة معاً، لاسيما في ظل استمرار منطق التصعيد ولغة السلاح والحرب.. وغياب الإرادة الدولية في مواجهة الاستهتار الإسرائيلي في المنطقة"، مشيراً أن "هذه التحديات والمخاطر تتطلب وعياً وبصيرة نافذة وحكمة في مواجهتها والعمل على معالجتها بصورة لا تقبل التهاون أو التأخير وفي هذا الموضوع".
أشار زعيم تيار الحكمة إلى عدّة نقاط، كسبيل في مواجهة المخاطر على العراق، وتضمنت:
أولاً/ "إن وحدة العراقيين والتفافهم حول مرجعيتهم الدينية العليا في النجف الأشرف متمثلة بالإمام السيستاني (دام ظله الوارف) والالتزام بتوصياتها وارشاداتها القيمة.. هو السبيل الأمثل لمواجهة شتى أنواع المخاطر والتحديات".
ثانياً/ "إن لغة الإحباط والتهويل التي تمارس اليوم على أهلنا وشبابنا هي جزء من حرب نفسية يستخدمها العدو ضد بلدنا وشعبنا. ويجب على النخبة المجتمعية والسياسية أن تواجه ذلك بقوة وحسم وإصرار. وعلى الحكومة والمؤسسات المعنية أن لا تسمح لأصحاب تلك الاجندات المغرضة بالنيل من عزيمة شبابنا وأمن مجتمعنا".
ثالثاً/ "إن ما تشهده اليوم سوريا من اضطراب في الإدارة والأوضاع، يتطلب منا حذراً مضاعفاً لمواجهة الانعكاسات الأمنية والإنسانية المحتملة على بلدنا من جهة. وما يترتب من تهديد حقيقي لأمن المنطقة والدول المجاورة واستقرارها من جهة أخرى".
أكد الحكيم أن "المنطقة مرتبطة بمصير مشترك، وأن أمنها القومي لا يتجزأ، ولا يمكن عزل الحريق في بلد دون آخر ، إذا استمر التهاون بذلك"، داعياً منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية أن "يأخذوا دورهم التاريخي والمسؤول تجاه ما يحدث في منطقتنا من استهداف واعتداء وتهاون. وأن تكون كلمة الوحدة الإسلامية والعربية هي المتصدرة في مشهد القرار في المنطقة".