عن "أقلية شيعية" موجودة في العراق

15 قراءة دقيقة
عن "أقلية شيعية" موجودة في العراق مجلس النواب العراقي (فيسبوك)

لا تستغرب، عزيزي القارئ، عندما تسمع مصطلح "الأقلية الشيعية" في العراق، فالمعروف أن الشيعة يشكلون الأغلبية من سكان العراق، لا سيما في مناطق الوسط والجنوب. دعني أعرّف لك من هم "الأقلية الشيعية": هي مجموعة من الأفراد أو الجماعات التي تطالب دائماً بدولة مدنية أو علمانية أو ليبرالية، وتدعو إلى سيادة القانون ووحدة العراق، كما تعارض الطائفية والخطابات التحريضية على العنف، وترفض القيود والقوانين التعسفية التي تعيد العراق إلى زمن البعث، باعتبار أن العراق ما بعد عام 2003 أصبح بلداً ديمقراطياً يكفل جميع الحريات.

 

مصطلح "الأقلية الشيعية" لا يشير إلى أقلية عددية، بل إلى فئة تُنتهك حقوقها باستمرار، حتى وإن كانت ذات أغلبية عددية، لأنها لا تمتلك وسائل إعلام مؤثرة سوى صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تمتلك السلاح لفرض إرادتها، بل تعارض أي سلاح خارج إطار الدولة. كما أنها ليست تابعة لأي دولة أخرى تموّلها بالسلاح أو المال، ولا تحظى بتمثيل قوي في البرلمان أو السلطات التنفيذية. لهذا السبب، غالباً ما تُنتهك حقوقها ومطالبها على يد من يصفون أنفسهم بأنهم المدافعون عن الشيعة والممثلين الحقيقيين لهم في العراق.

 

الأغلبية الشيعية، ربما لا يكونون أغلبية عددية، لكنهم يمسكون بزمام السلطة في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن. لديهم سلاح خارج إطار الدولة، ويستخدمونه لتحقيق مصالحهم، سواء بالضغط على جهات دولية أو بقمع الأصوات المعارضة لهم وكذلك يستخدمون سلاح الدولة لصالحهم. كما أنهم يمتلكون الأغلبية في البرلمان، مما يمنحهم السيطرة على تشريع القوانين التي تخدم مصالحهم، مثل قانون الانتخابات لهذا نطلق عليهم الأغلبية الشيعية.

 

ولاء البعض منهم لا يكون للعراق، بل لدول أخرى ينفذون أجنداتها. كما يسيطرون على الإعلام وقنوات التلفزيون، ولديهم جيوش إلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي تروّج لسياساتهم، وتحرض ضد الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين لسلطتهم، متهمة إياهم بالعمالة لسفارات أجنبية، أو بمحاولة تخريب القيم المجتمعية، أو بمعاداة الدين والمذهب الشيعي، في محاولات لتشويه صورتهم أمام المجتمع.

 

استخدام البرلمان لصالحهم

 

تستخدم القوى الشيعية التقليدية، التي تهيمن على السلطة منذ سقوط الطاغية صدام وحتى الآن، البرلمان لصالحها، لا سيما في تشريع القوانين التي تصب في مصلحتها وتبقيها في الحكم لأطول فترة ممكنة. ومن أبرز القوانين التي أثارت معارضة الشارع العراقي، وخصوصاً من قِبَل ما أسميناهم في بداية المقال "الأقلية الشيعية"، وحتى بعض القوى المدنية، كانت ما يُعرف بقوانين "السلة الواحدة"، والتي تشمل ( تعديل قانون الأحوال الشخصية، قانون العفو العام، وقانون إعادة العقارات)، فعند تصويت البرلمان على هذه القوانين، أُثير جدل واسع في الأوساط المدنية، بدءاً من طريقة التصويت، إذ هل من الممكن التصويت على ثلاثة قوانين مهمة في أقل من دقيقة واحدة؟. اعتبرت الأوساط المدنية أن هذه القوانين تكرّس الطائفية، وتؤكد استمرار العراق في نهج المحاصصة الطائفية، حيث رأوا أن تعديل قانون الأحوال الشخصية يخدم القوى الشيعية، فيما جاء قانون العفو العام لصالح القوى السُنية، وقانون إعادة العقارات لصالح القوى الكردية.

 

تم تمرير هذه القوانين بهذه الطريقة بناءً على طلب القوى الشيعية، التي فشلت في البداية في إقناع القوى الأخرى (السُنية والكردية) بالتصويت على قانون تعديل الأحوال الشخصية، فلجأت إلى التفاوض والضغط، مهددة بعدم تمرير قانوني العفو العام وإعادة العقارات ما لم يتم تمرير قانون تعديل الأحوال الشخصية. وبسبب انعدام الثقة بين جميع الأطراف، تم الاتفاق على التصويت على القوانين الثلاثة دفعة واحدة، ولهذا سُمّيت بقوانين "السلة الواحدة".

 

قانون تعديل الأحوال الشخصية كان الأكثر إثارة للجدل، إذ اعتبرته الأوساط المدنية انتهاكاً لحقوق الإنسان والمرأة والطفولة، كونه يتيح زواج القاصرات ويسلب الأم حق الحضانة. وعلى الرغم من الاحتجاجات والاعتراضات التي نظمتها القوى المدنية والمنظمات المحلية والدولية، ذكر رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني في لقاء تلفزيوني أنه واجه ضغوطًا كبيرة لتمرير القانون، بدءًا من اعتراض الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن القانون أُقرّ في النهاية بإرادة القوى الشيعية التقليدية.

 

استخدام البرلمان لتمرير قانون حرية الرأي والتظاهر

 

منذ تظاهرات عام 2011 التي عُرفت حينها بـ"الربيع العربي"، تعمل الأحزاب الشيعية التقليدية على تمرير قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي في كل دورة انتخابية، إلا أنه يلقى معارضة واسعة بسبب القيود التي يفرضها.

 

في العام الماضي، عاد القانون مجدداً إلى البرلمان للتصويت عليه، وأثار جدلاً واسعاً، لا سيما حول بند ينص على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من مركز الشرطة القريب من موقع التظاهر اعتبرت الأوساط المدنية والاحتجاجية أن هذه الفقرة تُعد مبررًا لقمع التظاهرات، حيث قد ترفض الأجهزة الأمنية منح الموافقة ما يمنحها ذريعة لقمع المتظاهرين واعتقالهم.

 

وبعد تصاعد الجدل، طُرحت مسودة جديدة للقانون، زُعم فيها أنه أصبح أكثر ملاءمة، حيث تم تعديل  واستبدالها بفقرة إشعار الأجهزة الأمنية مسبقًا بنيّة التظاهر غير أن الجدل بقى استمر، الحصول على موافقة.

 

وضمنت المسودة كذلك بنداً يتيح للأجهزة الأمنية رفض التظاهرة بحجة وجود تهديد أمني، ما يعني فعلياً استمرار تقييد الحق في التظاهر. ورأت الأوساط المدنية أن القوى الشيعية تلاعبت بالقانون وأعادت فرض القيود نفسها بطريقة مختلفة.

 

تعتبر القوى المدنية أن حرية الرأي والتظاهر لا يمكن أن تُقيّد بقوانين تعسفية تتطلب موافقة السلطة، إذ من الطبيعي أن يرفض الحاكم أي تظاهرة تُنظم ضده. وترى هذه القوى أن الأحزاب الشيعية تحاول تقييد الحراك المدني، الذي لا يملك سوى وسائل التواصل الاجتماعي والتظاهر للتعبير عن رفضه لسياسات الأحزاب المهيمنة على الدولة.

 

قمع المعارضة داخل البرلمان

 

لم تكتفِ القوى الشيعية التقليدية بتقييد حرية الرأي في الشارع، بل مارست الضغوط والتهديدات داخل البرلمان نفسه. فخلال العام الماضي، وتحديدًا في يوليو، هددت بعض القوى السياسية النائب سجاد سالم بسحب الحصانة عنه بسبب معارضته لسياسات هذه الأحزاب وانتقاده للفصائل المسلحة التابعة لها. أثار هذا الموقف استياء الأحزاب الشيعية التقليدية، لأن هذه الفصائل تُعد إحدى أدواتها في الضغط على خصومها السياسيين وحتى في الانتخابات.

 

ورغم سعي الأحزاب لسحب الحصانة عن النائب، فإنها فشلت في ذلك، لأن القانون العراقي ينص على أن سحب الحصانة يتطلب موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب.

 

التلاعب بقانون الانتخابات عن طريق البرلمان

 

تستخدم القوى الشيعية البرلمان لتعزيز بقائها في السلطة عبر تشريع قوانين انتخابية تخدم مصالحها، ما يثير الجدل في كل دورة انتخابية. ومن أبرز هذه القوانين قانون سانت ليغو 1.7، الذي يُعد نسخة معدلة من القانون الأصلي الذي وضعه عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو عام 1912، حيث تم تعديل النسبة من  1.1 إلى 1.7 بطريقة تخدم القوى السياسية الكبيرة، مما أتاح للأحزاب المهيمنة تحقيق نتائج مريحة على حساب القوى الصغيرة والمستقلين.

 

تم تغيير هذا القانون مرة واحدة فقط خلال انتخابات 2021، حيث تم اعتماد الدوائر المتعددة واحتساب أعلى الأصوات، وجاء ذلك نتيجة للضغط الشعبي بعد احتجاجات تشرين. غير أن القوى الشيعية، بالتعاون مع القوى السياسية الأخرى، سارعت إلى إلغاء نظام الدوائر المتعددة وإعادة العمل بقانون سانت ليغو في انتخابات مجلس المحافظة  لضمان هيمنتها مجدداً.

 

حالياً، تسعى هذه القوى، وخصوصاً ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إلى صياغة قانون انتخابي جديد يعزز سيطرتها بشكل أكبر استعدادًا للانتخابات القادمة.

 

استخدام الجماعات المسلحة لصالحهم

 

تلعب الجماعات المسلّحة التابعة للأحزاب الشيعية التقليدية دوراً كبيراً في رسم سياسات هذه الأحزاب والحفاظ على بقائها. تأسست هذه الجماعات أثناء حرب داعش وبعدها، أي بين عامي 2014 و2018. يدّعي بعضها أنه منضوٍ تحت مؤسسة الحشد الشعبي، بينما يطلق البعض الآخر على نفسه اسم "المقاومة" ويعمل خارج إطار مؤسسة الحشد. ومع ذلك، يستخدم كلا الطرفين كأدوات لهذه الأحزاب لإسكات الأصوات الاحتجاجية والمعارضة لها.

 

برز دور هذه الجماعات بشكل واضح في قمع احتجاجات تشرين التي انطلقت عام 2019 واستمرت لمدة عام كامل. كان القمع ممنهجاً، بدأ باستخدام القناصة في ساحة التحرير مع بداية الاحتجاجات في الأول من أكتوبر، وصولاً إلى القتل، والخطف، وحرق خيام المعتصمين. ومن أبرز حوادث القمع 

 

حادثة السنك

 

أو ما يعرف بـ"مجزرة السنك"، وخلال فترة احتجاجات تشرين، في 6 ديسمبر، اقتحمت جهة مسلحة ساحة الخلاني وكراج السنك وسط بغداد باستخدام سيارات، مع الاستعانة بالأسلحة الرشاشة والخفيفة والمتوسطة. أسفرت هذه الحادثة عن مقتل أكثر من 22 شخصًا وإصابة 116 آخرين، إضافة إلى اختطاف عشرات المتظاهرين، وفقًا لإحصائيات مكتب يونامي في العراق.

 

مجزرة يوم الأربعاء

 

لعبت إحدى الجماعات المسلحة دوراً مهماً في قمع المحتجين في ساحة اعتصام النجف بتاريخ 5 فبراير 2020، خلال فترة احتجاجات تشرين. أطلقت الجماعات التي هاجمت الساحة على هذه العملية اسم تنظيف وتطهير الساحة، في إشارة إلى إزالة المحتجين منها، استخدمت في هذه المجزرة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وأسفرت عن إصابة أكثر من 100 شخص ومقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص، وفقاً لإحصائيات مكتب "يونامي" في العراق.

 

حرق الخيام في الناصرية

 

لم تكتفِ هذه الجماعات بقتل وخطف المتظاهرين خلال فترة احتجاجات تشرين، بل شاركت أيضاً في حرق الخيام. وكانت من أبرز هذه الحوادث ما وقع في محافظة الناصرية، حيث شنت جماعات مسلحة هجوماً على ساحة الاعتصام في الناصرية (ساحة الحبوبي) بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال فترة الاحتجاجات، وقامت بإحراق خيام المعتصمين.

 

الاعتداءات على القنوات التلفزيونية

 

عملت الجماعات المسلحة التابعة للأحزاب التقليدية خلال فترة احتجاجات تشرين على الاعتداء على القنوات التلفزيونية، حيث تعرض بعض موظفي هذه القنوات للاعتداء، كما تم إغلاق بعضها لمنعها من تغطية الاحتجاجات  ومن بين هذه القنوات : دجلة الفضائية ، الشرقية ، الحرة عراق ، بي بي سي ، فرانس 24 ، روداو.

 

حتى بعد احتجاجات تشرين، استمرت هذه الجماعات في استهداف بعض القنوات الفضائية لأغراض سياسية، مثل قناة دجلة طرب وقناة ام بي سي عراق.

 

قصف السفارات والاعتداءات على البعثات الدبلوماسية

 

تستخدم الأحزاب التقليدية ذات الميول الإيرانية الجماعات المسلحة للضغط على عدة دول من خلال استهداف سفاراتها الموجودة في العراق، مثل السفارتين الأميركية والبريطانية، حيث تتعرض هذه السفارات بين الحين والآخر لهجمات بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة.

 

تعرضت السفارة الأميركية في بغداد لأكثر من هجوم خلال الأعوام 2020 ، 2021 ، 2022 ، 2023  كما تعرضت القنصلية الأميركية في أربيل، شمال العراق، لقصف صاروخي خلال عام 2023، أما السفارة البريطانية، فقد استُهدف أحد مواكبها بعبوة ناسفة على طريق مطار بغداد في وفي عام 2024، كشف السفير البريطاني ستيفن هيتشن عن تعرضه لتهديدات مستمرة من قبل جماعات مسلحة لم يذكر أسماءها.

 

يتضح من ذلك كيف تستخدم الأحزاب الشيعية الموالية لإيران هذه الجماعات المسلحة لإسكات الأصوات الاحتجاجية، قمع معارضيها، واستهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية كوسيلة للضغط على هذه الدول وتحقيق مكاسب سياسية.

 

الجدير بالذكر أن معظم هذه الاعتداءات، وخاصة تلك التي استهدفت المتظاهرين خلال احتجاجات تشرين، وقعت أمام أنظار الأجهزة الأمنية دون أن تتخذ أي إجراء. كما أن الاعتداءات على القنوات الفضائية كانت تُنفَّذ من قبل جماعات معروفة لدى الحكومات العراقية المتعاقبة، ومع ذلك لم يتم تقديم أي من أفرادها إلى القضاء أو المحاسبة. وهذا يشير إلى أن هذه الجماعات تمتلك سلطة تفوق سلطة الأجهزة الأمنية، كما أن الحكومات المتعاقبة إما تخشاها أو تخشى الأحزاب التي تسيطر عليها.

 

استخدام الجيوش الإلكترونية لصالحهم

 

تستخدم الأحزاب الشيعية التقليدية والجماعات المسلحة الجيوش الإلكترونية، والمقصود بهذا المصطلح هو مجموعة من الأشخاص الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية. وقد برز دور هذه الجيوش خلال احتجاجات تشرين وما زال مستمرًا حتى الآن.

 

تعمل هذه الجيوش على التحريض والتهديد، إضافة إلى التشويه والتضليل بحق الناشطين والأصوات البارزة المعارضة لأحزاب السلطة. فهي تروج لاتهامات باطلة، مثل العمالة لدول أجنبية أو تلقي تمويل من السفارات الأجنبية بهدف تخريب الأوضاع في العراق عمومًا، أو استهداف الطائفة الشيعية خصوصًا، مما يؤدي إلى تشويه صورة المعارضين أمام الرأي العام. كما تعمل على نشر الأخبار الكاذبة بهدف تضليل الرأي العام والتغطية على انتهاكات الجماعات المسلحة، أو حتى الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية، إضافة إلى تبرير عمليات القمع والانتهاكات. وأحيانًا، توجه هذه الجيوش الرأي العام نحو قضايا تخدم أجندات أحزاب السلطة.

 

ومن أبرز الناشطين الذين راحوا ضحية هذه الجيوش: الناشطة ريهام يعقوب، والناشط إيهاب الوزني والناشط صلاح العراقي وكذلك الصحفي أحمد عبد الصمد وآخر الضحايا هما الناشطتان والمحاميتان هدى شاكر وسارة طالب، اللتان تعرضتا لحملات تشهير وتشويه لسمعتيهما بسبب معارضتهما لقانون الأحوال الشخصية.

 

ورغم هذه الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها الجيوش الإلكترونية ضد الناشطين، فإن الأجهزة الأمنية لم تحاسب أفرادها، وما زالت هذه الجيوش تعمل على التحريض والتشهير والتهديد. كما أنها تمهد الطريق أمام الجماعات المسلحة لتنفيذ عمليات قتل أو خطف بحق الأصوات البارزة المعارضة

 

تبقى الأقلية الشيعية مضطهدة، لا تملك سوى صوتها ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحاول السلطات التقليدية (الأغلبية الشيعية) إسكاتها من خلال ممارسات وسياسات تستخدم نفوذها في البرلمان لتشريع قوانين تنتهك حرية الرأي وحقوق الإنسان. كما تسعى هذه السلطات إلى البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة عبر تغيير قانون الانتخابات في كل دورة انتخابية بما يتناسب مع قواعدها الجماهيرية، بالإضافة إلى استخدام أدواتها، مثل الجماعات المسلحة وجيوشها الإلكترونية، لتهديد وتصفية الأصوات المعارضة في ظل غياب المحاسبة.

 

سواء أكانت الأقلية الشيعية أكبر عدداً من حيث الأفراد أو أقل، تبقى القوة ومفاتيح الحكم بيد الأحزاب التقليدية الشيعية، التي أطلقنا عليها اسم "الأغلبية الشيعية". وسأترك للقراء تحديد الأقلية العددية، إذ أن ما أعنيه بكلمة "الأقلية الشيعية"، كما ذكرت أعلاه، هو الأقلية من حيث القوة السلاح والمال، هي التي تسيطر وتحكم. وما تم استعراضه هنا هو جزء بسيط مما يجري في الواقع، إذ أنه خلال 12 سنة من حكم الأحزاب الشيعية، ارتُكبت العديد من الانتهاكات والممارسات ضد القوى المدنية.

 

في نهاية هذه المقالة، أود أولاً أن أعتذر لنفسي ولمبادئي، كوني أنتمي إلى الأقلية الشيعية التي ترفض الخوض في مصطلحات الطائفية مثل "الشيعة" و"السنة". وربما كان ينبغي أن أُطلق على هذه المقالة اسم "الأقلية الوطنية"، لكن ما أعانيه هو أنني تعرضت لكثير من الانتهاكات والقمع والمضايقات التي مارستها السلطة الشيعية ضدي، رغم أنني شيعي وأعيش في مدينة شيعية. ولهذا، كان لا بد لي أن أكتب عن نفسي وعن من يمثلني داخل المجتمع الشيعي.

 

أعتذر لكل من يقرأ هذه المقالة ويشعر بأنها تحمل جانباً طائفياً، فأنا أدرك جيداً أن هناك أيضاً أقليات سنية وكوردية وغيرها... وسأترك لهم حرية الكتابة عن أنفسهم، وما إذا كانوا يعدّون أنفسهم أقلية داخل مجتمعاتهم أم لا.

هاشم النفاخ ناشط عراقي

نُشرت في الجمعة 14 مارس 2025 01:05 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.