رغم التحديات البيئية وانحسار المسطحات المائية وتراجع موائلها الطبيعية، بدأت الطيور المهاجرة بالعودة تدريجياً إلى مواطنها الأصلية في سيبيريا وروسيا وشرق آسيا، بعد استقرار دام عدة أشهر في أهوار و بادية محافظة ذي قار، التي شكلت محطة استراحة مهمة لها خلال فصل الشتاء.
ومنذ تشرين الأول من كل عام، تبدأ عشرات الأنواع من الطيور المهاجرة رحلتها الطويلة نحو الجنوب، هرباً من برودة مناطقها الأصلية، لتستقر في مناطق جنوب العراق، خاصة الأهوار والمناطق الصحراوية، التي تُعد موائل مناسبة لتلك الطيور، رغم ما شهدته من تغيّرات واضحة في السنوات الأخيرة.
وأكد عارف شمخي مسؤول شعبة التنوع الأحيائي في مديرية بيئة ذي قار، في حديثه لمنصة "الجبال" أن "الطيور المهاجرة تبحث دائماً عن الموائل الطبيعية المناسبة لها من حيث وفرة الغذاء والأمان للاستقرار بعد رحلة الهجرة فالأهوار تمثل بيئة مثالية لها، كما أن الطيور الجارحة تفضل البيئة الصحراوية في البادية".
وأشار شمخي إلى أن "هذا الموسم شهد تراجعاً ملحوظاً في أعداد وأنواع الطيور المهاجرة"، مبيناً أن "العديد من الأنواع لم تُشاهد هذا العام بسبب انحسار المسطحات المائية، وقلّة الموائل الصالحة في البادية، نتيجة الزحف العمراني والتغيرات المناخية التي أدّت إلى تقليص البيئة المناسبة لهذه الكائنات".
من جهته، أوضح الخبير البيئي في شؤون الطيور ليث العبيدي لمنصة "الجبال" أن "أكثر من 20 نوعاً من الطيور المهاجرة اختفت تماما هذا الموسم، ولم يتم رصدها لا في الأهوار ولا في البادية، نتيجة فقدانها لبيئتها الطبيعية".
وأضاف أن "من بين الأنواع التي لم تُشاهد بط الخضيري وأبو بزيلة والفلامنكو والحذاف الصيفي والشتوي، بالإضافة إلى أنواع من الطيور الجارحة مثل النسر الأوراسي والنسر الأسمر وعقاب السهول".
وبيّن العبيدي أن "هذه الأنواع تحتاج إلى بيئة مستقرة وآمنة كي تتكاثر وتستقر خلال فترة هجرتها، لكن الصيد الجائر وقلة الموارد المائية وارتفاع درجات الحرارة ساهمت في تناقص هذه الأنواع بشكل مقلق".
وبينما يواصل البعض من هذه الطيور رحلته نحو الشمال، تبدأ حركتها العكسية مع نهاية شهر آذار وبداية نيسان من كل عام، إذ تعود إلى مواطنها الأصلية في سيبيريا وروسيا وشرق آسيا، بعدما أنهت فصل الشتاء في الجنوب العراقي.
ومع استمرار التأثيرات البيئية السلبية على مواطن الطيور، يطالب خبراء البيئة بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المسطحات المائية المتبقية، والحد من عمليات الصيد الجائر، إلى جانب تعزيز التوعية البيئية للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي الغني، والذي يعكس توازن النظام البيئي في البلاد.