بعد مرور أكثر من سبعة وثلاثين عاماً على فاجعة قصفها بالأسلحة الكيميائية عام 1988 في عهد نظام صدام حسين، أقرّ البرلمان العراقي، اليوم الإثنين، قانوناً يقضي بتحويل قضاء حلبجة إلى محافظة، لتصبح بذلك المحافظة التاسعة عشرة في البلاد.
جاء إقرار القانون استناداً إلى المادة 61 من الدستور العراقي، التي تمنح البرلمان صلاحية سن القوانين الاتحادية. وقد تم التصويت على مشروع القانون بعد أيام قليلة من إحياء حلبجة للذكرى السابعة والثلاثين للهجوم الكيميائي الذي أودى بحياة أكثر من 5000 شخص وجرح ما لا يقل عن 10000 آخرين في 16 مارس/آذار 1988، مع اقتراب نهاية الحرب العراقية الإيرانية.
وتقع حلبجة في شمال شرق العراق، وقد عانت من وضع إداري معقد منذ عام 2014، حيث اعتبرتها حكومة إقليم كوردستان محافظة رابعة ضمن الإقليم، بينما بقيت تُعرف رسمياً على المستوى الاتحادي كقضاء تابع لمحافظة السليمانية. وناضلت المدينة طويلًا للحصول على صفة محافظة، اعترافاً بالتضحيات الجسام التي قدمها سكانها خلال فترة حكم نظام البعث.
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد قدم مشروع القانون إلى البرلمان في عام 2023، فيما شهد البرلمان قراءة أولى للمشروع في أبريل/نيسان 2023، تلتها قراءة ثانية في مايو/أيار من العام نفسه. وعلى الرغم من إدراجه على جدول أعمال البرلمان عدة مرات لاحقة، إلا أن التصويت عليه تأخر بسبب معارضة بعض الكتل البرلمانية التي طالبت بضم مناطق عراقية أخرى إلى صفة محافظات.
ويشير مشروع القانون، الذي اطلعت عليه "الجبال"، إلى الأسباب الموجبة لتحويل حلبجة إلى محافظة، والتي تتضمن "الأضرار المادية والبشرية والبيئية التي لحقت بها نتيجة قصفها بالأسلحة الكيميائية المحظورة من قبل النظام السابق"، بالإضافة إلى النمو العمراني والسكاني الملحوظ الذي شهدته المدينة، و "دعمًا للمكانة الدولية التي اكتسبتها في ضوء تضحياتها".
ويتكون القانون الجديد من أربع مواد رئيسية، حيث تنص المادة الأولى على اعتبار حلبجة المحافظة التاسعة عشرة في جمهورية العراق، مع بقاء قضاء حلبجة الحالي مركزًا لهذه المحافظة. وتلزم المادة الثانية مجلس وزراء إقليم كردستان بتحديد الحدود الإدارية للمحافظة الجديدة. فيما تنيط المادة الثالثة مسؤولية تنفيذ القانون بالجهات المعنية، وتلزم المادة الرابعة بنشره في الجريدة الرسمية العراقية.
وكانت حكومة إقليم كوردستان قد أعلنت حلبجة محافظة رابعة في الإقليم بموجب مرسوم صدر عام 2014. وفي مارس 2023، وافق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون لتصنيف حلبجة كمحافظة على المستوى الاتحادي، إلا أن إقراره من قبل البرلمان تأخر حتى يوم الثلاثاء.
وفي السادس عشر من مارس الماضي، بمناسبة الذكرى السنوية للهجوم الكيميائي، جدد مسؤولون في إقليم كوردستان دعوتهم لتصنيف حلبجة كمحافظة عراقية، وحثوا البرلمان الاتحادي على الإسراع في إنجاز هذه الخطوة، وقد كتب رئيس وزراء إقليم كردستان، مسرور بارزاني، على منصة" إكس"،: "تضحيات حلبجة لا يجب أن تُنسى أو يُتهاون بها، ويجب تعويضها بشكل مناسب، وإقرار قانون تصنيف حلبجة كمحافظة في أسرع وقت ممكن".
وبعد مرور أكثر من سبعة وثلاثين عاماً على تلك المأساة، لا يزال العديد من الناجين من الهجوم بالغاز يعانون من آثار نفسية وجسدية عميقة، ويواجه الكثيرون منهم صعوبات صحية مستمرة، ويسعون لتلقي العلاج داخل العراق وخارجه. ولا تزال ذكريات الإبادة الجماعية الأليمة تطارد المدينة وسكانها، كما تواصل عائلات الضحايا مطالبتها بالتعويضات، مؤكدةً على مسؤولية الحكومة العراقية في معالجة الآثار المدمرة التي خلفها نظام صدام حسين.