الأنبار لم تعد بؤرة "الكبتاغون" بعد سقوط بشار الأسد.. وهناك عمل على "بدائل"

8 قراءة دقيقة
الأنبار لم تعد بؤرة "الكبتاغون" بعد سقوط بشار الأسد.. وهناك عمل على "بدائل" مخدرات/ أرشيفية

حتى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا في الثامن من شهر ديسمبر كانون الأول من العام الماضي، كانت الأنبار واحدة من أكبر مراكز تجارة الكبتاغون والحبوب المخدرة، نتيجة إدخال تلك الحبوب من سوريا، بـ"مساعدة فصائل مسلحة"، وفق العديد من التقارير. 

 

وواجهت محافظة الأنبار تحدياً كبيراً خلال السنوات الماضية، مع انتشار المخدرات، حيث تصدرت مادة "الكبتاغون" المخدرة قائمة المواد الأكثر تداولاً وتليها الكريستال.

 

ووفقاً لإحصائيات رسمية لمديرية المخدرات في محافظة الأنبار فإن "نسبة المتعاطين في عموم المحافظة تبلغ نحو 20%، وأغلبها من متعاطي مادة الكبتاغون والفئة الأكبر هم من الشباب".

 

وفي السنوات الأخيرة، أظهرت البيانات الرسمية في العراق زيادة ملحوظة في تجارة وتعاطي المخدرات، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية العراقية من ضبط كميات ضخمة من الحبوب المخدرة في العام الماضي، بلغت قيمتها حوالي 144 مليون دولار.

 

وتوجه اتهامات لفصائل مسلحة بأنها كانت تسهل عملية إدخال المخدرات من سوريا إلى العراق، خاصة وأن أغلب المصانع التي تم الكشف عنها بعد سقوط الأسد، تقع قرب الحدود العراقية السورية، وتحديداً في مدينة البو كمال، وهي مركز تواجد الفصائل المقربة من إيران.

 

ومنذ إعلان سقوط بشار الأسد في سوريا، عُثر في مناطق مختلفة على كميات كبيرة من أقراص الكبتاغون مكدسة في مستودعات أو قواعد عسكرية، ما يرجح وقوف النظام السوري السابق خلف تجارة المخدرات.

 

منفذٌ وهمي.. و"الكرستال" هو البديل

 

وفي الأثناء كشف مصدر أمني مطلع عن طبيعة تجارة الكبتاغون والحبوب المخدرة في محافظة، مؤكداً أنها تراجعت، بشكل كبير، ولكن تم الاستعانة بحبوب مخدرة أخرى، ومن مصادر جديدة.

 

المصدر قال لمنصة "الجبال" إن "الفصائل المسلحة المقربة من إيران في العراق، كانت هي المسؤولة عن تجارة الكبتاغون، وهي من تقوم بإدخال الكميات الكبيرة منه، وتوزيعه على الوكلاء والتجار، وإرساله إلى المحافظات الأخرى".

 

وأضاف أنه "بمجاور منفذ القائم الحدودي في محافظة الأنبار، كان هناك منفذ حدودي وهمي، يقع في منطقة سكك الحديد، يدار من قبل الفصائل المسلحة، ولا وجود لأي قوة حكومية رسمية، ويتم تهريب جميع الممنوعات، وإدخالها من سوريا إلى العراق، وبالعكس".

 

وذكر أن "الفصائل المسلحة كانت هي من تستلم الحبوب المخدرة وبكميات كبيرة من المصانع والمزارع في منطقة البوكمال في سوريا، وتدخلها إلى القائم، عبر المنفذ الوهمي، وتوزعها على وكلائها في أقضية الأنبار كافة، وتباع بأسعار زهيدة"، مردفاً أنه "بعد سقوط الأسد، شهدت أسعار الكبتاغون ارتفاعاً كبيراً، نتيجة قلة العرض، بعد غلق المنافذ الحدودية".

 

وبعد مضي أشهر على سقوط بشار الأسد، "عاد نشاط تجارة الكبتاغون، لكن بكميات قليلة جداً، حيث يتم إدخال تلك الحبوب من سوريا إلى العراق، عبر زوارق نهرية في نهر الفرات، وأيضاً بإشراف الفصائل المسلحة، التي تتواجد حالياً في قضاء القائم"، بحسب المصدر. 

 

فيما يتم تعويض نقص مادة الكبتاغون، بكميات أخرى من الكرستال والهيرويين وغيرها، التي تدخل للمحافظة من منافذ أخرى، وتحديداً من إيران، من خلال حدود الأنبار المشتركة مع محافظة كربلاء، أو محافظة بابل، كما يقول المصدر. 

 

تراجع التجارة والتعاطي وغلق المصانع

 

من جانب آخر يؤكد عضو مجلس محافظة الأنبار عدنان الكبيسي أن نسبة تجارة المخدرات، وخاصة مادة الكبتاغون تراجعت بشكل كبير.

 

ولفت خلال حديث لـ "الجبال" إلى أن "النسبة تراجعت 90% داخل محافظة الأنبار، وأغلب الكميات التي يتم ضبطها من قبل الأجهزة الأمنية، هي مواد مخزونة لدى التجار في وقت سابق، ولم تدخل حالياً".

 

وأشار إلى أنه "كانت هناك 3 معامل تابعة لنظام بشار الأسد تقع بالقرب من الحدود العراقية السورية، تصدر للعراق، وتمر من خلال محافظة الأنبار، والكمية الأكبر منها تبقى داخل المحافظة".

 

ونوه إلى "وجود جهد أمني كبير حالياً لملاحقة التجار والوكلاء الذين يقومون بتوزيع الحبوب المخدرة وبيعها، ولمنع إدخال مواد أخرى مثل الكريستال، ومنع عودة نشاط تجارة الكبتاغون، من خلال تكثيف الجهد الاستخباري، والسيطرة على الحدود بشكل كامل".

 

وكان قائد شرطة محافظة الأنبار، اللواء عادل حامد، قد صرح في وقت سابق بأن "المحافظة شهدت انخفاضاً كبيراً في انتشار المخدرات بنسبة وصلت إلى 85%، وأن قوات الأمن تواصل جهودها بدقة واستمرار لملاحقة باقي المتاجرين والمتعاطين". وأشار إلى أن "شرطة المحافظة تتابع عن كثب الحالات القليلة جداً المتبقية من متعاطي ومروجي المخدرات، وتعمل لاجتثاث الآفة بالكامل، وقريباً جداً ستعلن الأنبار محافظةً خالية من المخدرات".

 

مليون حبة شهرياً

 

وكان النائب السابق في البرلمان العراقي، محمد عثمان الخالدي، قال إن "نظام الأسد كان يضخ أكثر من مليون حبة كبتاغون شهرياً إلى العراق باعتبارها مصدر دخل رئيسي له".

 

ولفت خلال تصريح صحفي إلى أن "تهريب الكبتاغون لم يكن مجرد نشاط إجرامي، بل جزءاً من شبكة مصالح سياسية وأمنية، واستُخدمت هذه التجارة لتمويل جهات مختلفة داخل سورية وخارجها. وحالياً بات تهريب الكبتاغون من سورية شبه متوقف، خصوصاً مع تشديد الإجراءات الأمنية العراقية وتعزيز الرقابة على الحدود".

 

وفي هذا الإطار، قال مستشار لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة الأنبار، عبد الله الجغيفي، إنه قبل سقوط بشار الأسد كانت المحافظة عبارة عن بؤرة للمخدرات، وخاصة مادة الكبتاغون.

 

وبين في حديث خاص لـ "الجبال" أكد أن "عملية تجارة المخدرات بعد سقوط بشار الأسد تحجمت بشكل كبير، وحتى نسبة التعاطي هي الأخرى قد تحجمت، والعملية كلها كانت تدار من فصائل مسلحة متنفذة، تمتلك منفذاً وهمياً، يتم من خلاله إدخال الحبوب المخدرة إلى الأنبار".

 

وأضاف أن "سلطة تلك الفصائل كانت فوق سلطة الأجهزة الأمنية، وهي المسؤولة عن تجارة المخدرة بالكامل، والآن العملية، لم تتوقف، ولكنها تقلصت، وما دامت هي عملية مربحة، فمن المؤكد أن تجارها سيبحثون عن بدائل وطرق أخرى لإدخال المخدرات إلى الأنبار".

 

وخلال الأشهر الماضية، تفاءل عراقيون كثيرون بسقوط نظام الأسد في سورية، بأنه سيؤدي إلى تراجع عملية تجارة المخدرات وإدخالها إلى البلاد، ويقلص من نفوذ الفصائل المسلحة، التي توجَّه لها اتهامات كبيرة، من بينها التهريب بالمواد الممنوعة.

 

يذكر أن السلطات السورية الجديدة، أعلنت أكثر من مرة عن إتلاف ملايين حبوب الكبتاغون، عبر حرقها، وقد نشرت العديد من الصفحات السورية الرسمية وغير الرسمية، مشاهد الإتلاف.

 

وخلال العام الماضي، أعلن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عن تخصيص مبلغ مليار دينار يصرف شهرياً لمكافحة المخدرات، بالإضافة إلى تخويل وزارة الداخلية بالتصرف بمعسكرات تابعة لوزارة الدفاع لغرض إيواء المتعاطين.

 

المزارع ما تزال تعمل

 

من جانبه، رأى ثامر المحلاوي، وهو عضو مجلس عشائر قضاء القائم في محافظة الأنبار أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا كان متنفساً كبيراً لأهالي المحافظة بشكل عام، والذين عانوا من تحول محافظتهم لبؤرة خطيرة، لنقل وتجارة وتعاطي المخدرات، وشهدت النسبة ارتفاعاً كبيراً بين الشباب، وتزايداً في معدلات الجريمة المنظمة.

 

المحلاوي أوضح في حديث لـ "الجبال" أن "نسبة إدخال مادة الكبتاغون تراجعت بمعدل أكثر من 80%، كون أغلب المصانع التي كانت تصنع بها هذه المادة، تمت السيطرة عليها، من قبل النظام الجديد في سوريا"، مشيراً أنه "تمت السيطرة على المصانع في سوريا، لكن لم تتم السيطرة على المزارع بالكامل، خاصة الواقعة في مناطق ماتزال مضطربة أمنياً، وهناك جهات سورية ماتزال تتعامل معها الفصائل المسلحة في العراق، ويتم إدخال مادة الكبتاغون والمواد المخدرة الأخرى، ولو بكميات قليلة ومحدودة، عبر التهريب، من خلال النهر، أو الانفاق السرية".

 

وأضاف أنه "لهذا السبب نرى ارتفاعاً كبيراً بأسعار الحبوب المخدرة، وخاصة الكبتاغون في محافظة الأنبار، لآن تلك المواد تدخل بصعوبة إلى المحافظة، على عكس الفترة السابقة، إبان حكم الأسد، حيث كانت أسعارها مخفضة".

الجبال

نُشرت في الخميس 12 يونيو 2025 02:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.