أعرب أبو منار العلمي، أحد علماء السلفية في العراق، السبت 24 أيار 2025، عن اطمئنانه لما وصفه بـأن "الحكومة لا تخطئ في تصنيفها الجديد لتيار المدخلية"، بينما كشف باحث إسلامي عن فتوى دينية صدرت لمبايعة بول بريمر حاكماً على العراق.
يأتي ذلك بعد أن وجّه مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في كتاب إلى محافظة بغداد "باتخاذ إجراءات قانونية بحق حركات دينية "متطرفة"، في مقدمتها "الحركة المدخلية"، في إطار استراتيجية خاصة بمكافحة "التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب" وفي مواجهة تهديد السلم المجتمعي في مدن ومحافظات العراق.
وقال العلمي في حديث لبرنامج تلفزيوني تابعته "الجبال"، إن "المدخلية هم غلاة التجريح ونختلف مع النواصب والمرجئة"، وبيّن أن "الدعوة السلفية بريئة من التكفير والسلفيون ينتمون إلى بلادهم فقط"، مشيراً إلى أن "حارث الضاري كان أستاذي واختلفنا في الفتاوى لكن المآلات أوضحت الصواب".
وأوضح أن "الحكومة لم تذكر السلفية في التصنيف الذي أصدرته"، و"لا أؤيد ولا أعارض في تصنيف المدخلية" كحركة بالغة الخطورة، مبيناً أن "غياب الحاكم بعد 2003 تسبب بفوضى كبيرة".
وأضاف: "ألفت كتاباً في جواز طاعة المسلم المنصب من قبل الكافر. ولم نكفر أي مسلم ولدي عشرات الفتاوى"، بينما "القاعدة اختطفوا ولدي وهجموا علينا في المسجد"، وهم - أي القاعدة "مغرضون"، وقد "صنفت كتاباً في ابن لادن وقلت إنه خارجي".
وتابع بالقول: "مطمئن أن الحكومة لا تخطئ في تنفيذ قرار تصنيف المدخلية حركة بالغة الخطورة"، و"قلت لا يجوز الخروج في تظاهرات بل دعمنا الأمن في 2012"، مضيفاً: "أخبروني بأن (الرباط المحمدي) أخذوا بعض المساجد في الموصل".
وقبل أيام، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني عدداً من أعضاء الهيأة العليا للمجمع الفقهي العراقي. وأكد "أهمية دور رجال الدين في ترشيد الخطاب، والدعوة إلى نبذ العنف والتطرف ومحاربة الفساد"، مشيراً إلى "ما يشهده العراق اليوم من تقدم ملحوظ في عموم القطاعات والمجالات، وفي جميع المحافظات".
"بايعوا بريمر"!
من جانبه، قال الباحث الإسلامي ياسر الطربولي إن "بعض من يدعي أنه سلفي يكفر الناس على مسائل صغيرة"، بينما "الصوفية لم يكفروا أحداً وأتحدى من يأتي بغير ذلك"، موضحاً أن "هناك شكاوى وردت من المداخلة ويقولون إنهم متطرفون".
وأضاف: "لا ينبغي استخدام السلطة وقوة السلاح لإقصاء الآخرين"، معتبراً أن "خطورة المداخلة تكمن في المآلات والنتائج".
وأشار إلى أن "الشيخ ربيع المدخلي قال بعد 2003 بايعوا بول بريمر"، الحاكم الأميركي إبان احتلال العراق، مبيناً أن "رد الصائل واجب. ألم يقاتل عمر المختار الإيطاليين؟".
وربيع المدخلي هو عالم سعودي من علماءِ السلفية، وقد برزت اهتمامات المدخلي بعلم الحديث والعقيدة، كما عُرف باهتمامه الكبير بالدعوة إلى انتهاج مسيرة السلف والابتعاد عن البدع. بينما يرى معارضوه أن بعض فتاواه تدعو إلى العنف والإقصاء تجاه بعض الأطراف فضلاً عن اتهامه بأنه يوجه رسائله إلى التابعين له في عدة دول بينها.
وقال الباحث الطربولي إن "الانتخابات أعتبرها شورى في الفكر الإسلامي"، مؤكداً أن "هناك خطورة في تحريم الانتخابات والديمقراطية".
وسبق أن تواصلت منصة الجبال مع 10 من رجال الدين المنتمين للتيار السلفي في العراق، جميعهم رفضوا الظهور للحديث عن الموضوع، إلا أن آرائهم جميعاً اندرجت ضمن فئتين، قسم منهم وصف قرار مستشارية الأمن القومي بأنه "سياسي" ويدخل في إطار الدعايات الانتخابية، لأنه وبحسب قولهم "لم تشكل السلفية في أي وقت من الأوقات تهديداً على المجتمع، بل على العكس كانت دائماً عامل خير". وقسم آخر رأى أن "القرار الجديد غير مدروس، وجميع ما يقال عن التيار السلفي بعيد عن الحقيقة".
وانتقد عبد اللطيف أحمد، وهو رجل دين سلفي بارز في إقليم كوردستان، قرار الحكومة العراقية، معرباً عن رفضه لـ "الادعاءات القائلة بأن الجماعة تشكل تهديداً للأمن القومي".
ورأى مدير أوقاف كركوك، سالم زنكنة، إن "هذا القرار غير مدروس، ولا يوجد أي دليل يثبت تشكيل التيار خطراً على المجتمع".
ونص كتاب الأعرجي على أنه "بناء على موافقة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة على محضر الاجتماع المنعقد بتاريخ (1/ 3/ 2025)، بحضور كل من نواب محافظات (كركوك، ديالى، الأنبار، صلاح الدين، ونينوى) رؤساء اللجان الفرعية لمكافحة التطرف العنيف في المحافظات (...) تنسب اتخاذ الإجراءات القانونية وتعزيز البرامج المجتمعية لمواجهة الحركات المتطرفة التي تهدد السلم المجتمعي وبالخصوص (الحركة المدخلية) التي تأشر لدى جميع مؤسسات الدولة ذات الصلة تهديدها العالي المستوى للسلم المجتمعي والأمن القومي".