عودة "الياور" للانتخابات البرلمانية المقبلة.. هل تنجح "القوة العشائرية" بالحد من نفوذ الفصائل في نينوى؟

7 قراءة دقيقة
عودة "الياور" للانتخابات البرلمانية المقبلة.. هل تنجح "القوة العشائرية" بالحد من نفوذ الفصائل في نينوى؟ (فيسبوك)

عانت محافظة نينوى ثاني أكبر مدن العراق، من عدم استقرار أمني وسياسي رافق عملية احتلال البلاد، وسقوط نظام صدام حسين عام 2003، وانتهى الأمر بسيطرة تنظيم "داعش" على المحافظة في صيف 2014.

 

واستمرت سيطرة التنظيم لثلاث سنوات، عاث في المدينة، ودمر بنيتها التحتية والاجتماعية، وزاد من مشاكلها، حتى استطاعت أن تتحرر، ولكن بعد خراب كبير، وسقوط الآف الضحايا.

 

ولم تمض سنوات على استعادة نينوى لاستقرارها الأمني، حتى دخلت في أزمة جديدة تمثلت في صراع مع الفصائل المسلحة، والتي تحاول بسط سيطرتها، وزيادة نفوذها، عبر المكاتب الاقتصادية المنتشرة في الموصل تارة، وشراء ذمم الشيوخ وقادة الحشود العشائرية تارة أخرى، فضلاً عن محاولة فرض تصورات طائفية على المحافظة.

 

ورغم التركيبة السكانية لنينوى، والتي تسكنها غالبية من العرب السنة، يليهم الكورد، وباقي المكونات الدينية والقومية، من مسيحيين وإيزيديين، وشبك، وتركمان، وكاكائية، لكن السنوات الأخيرة، شهدت بروز نجم الفصائل المسلحة التابعة للإطار التنسيقي، وسيطرتها على القرارين الأمني والإداري.

 

ويرى عدد من المختصين والمراقبين للشأن المحلي بأن غياب القيادات السياسية والاجتماعية البارزة في نينوى، جعل الموصل ساحة للصراعات، ومحل أطماع قوى الإطار، والقوى الأخرى القادمة من خارج المدينة.

 

وأعلن عبد الله الياور، وهو "شيخ مشايخ قبيلة شمر في العراق" عودته الرسمية إلى الساحة السياسية عبر تسلّمه رئاسة "تحالف نينوى لأهلها"، مؤكدًا أن "هذه الخطوة تأتي من منطلق المسؤولية الوطنية". 

 

والياور غاب عن المشهد السياسي منذ سنوات، بعد أن ساهم بدعم قوى سياسية بارزة منها القائمة العراقية عام 2010، فيما يقول مرقبون منه، إن "لديه علاقات واسعة مع البلدان العربية والخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية".

 

وقال الياور في أول تصريح له عقب الإعلان عن ترأسه لتحالف نينوى لأهلها "نحن عائدون لنُعيد لأهل نينوى شعورهم الحقيقي بالانتماء، فالسياسة ليست باباً للتكسب أو الفساد بل واجب وطني يفرض علينا أن نكون على قدر الأمانة".

 

"رفض الوصاية"

 

وفي الأثناء يدّعي القيادي في تحالف "نينوى لأهلها" خلف الحديدي أن "عودة الياور تأتي في وقت تعاني محافظة نينوى من غياب الصوت الذي يمثلها، وسط كم كبير من المشاكل التي يعاني منها أهالي المحافظة".

 

وبين في حديثه لـ"الجبال" أن "الياور شخصية اجتماعية بارزة وله علاقات بالمحيط الخليجي والعربي، وغيابه عن الساحة السياسية كان مؤثراً، وترك فراغاً كبيراً، وسمح للأشخاص غير المؤهلين، والأتباع من تصدر المشهد".

 

وأضاف أن "نينوى اليوم تعاني من وجود قوى سياسية لا تمتد بصلة إلى المحافظة، وهمها المكاتب الاقتصادية، والاستحواذ على مقدرات نينوى، وفرض الوصاية على أهلها، لذلك فإن عودة شخصية مثل الياور، وبما يمتلكه من علاقات، وهو شيخ أكبر قبيلة في العراق، يعد قوة كبيرة، نستند عليها بالمرحلة المقبلة".

 

وأشار إلى أن "رئاسة عبد الله الياور لتحالف نينوى لأهلها ليست الأخيرة، فقد تم استقطاب شخصيات بارزة، منهم شيخ قبيلة طي صباح غازي الحنش، مع محافظ نينوى عبد القادر دخيل، ووزير الدفاع ثابت العباسي، وشخصيات بارزة تمثل مدينة الموصل، وهذه الانطلاقة ستكون نقطة تصدي لكل القوى السياسية والمسلحة التي تلاعبت بنينوى في المرحلة السابقة".

 

ووصل عدد أعضاء الإطار التنسيقي في مجلس نينوى في الدورة الحالية إلى أكثر من 18 عضواً من مجموعة أعضاء مجلس محافظة نينوى البالغ عددهم 29 عضواً، بعد انضمام أعضاء آخرين من كتل أخرى إلى الإطار، وخاصة تحالف "بابليون" برئاسة ريان الكلداني، الأمر الذي اتاح للإطار والكلداني الحصول على منصب رئاسة مجلس محافظة نينوى الذي يترأسه أحمد الحاصود، فضلاً عن منصب النائب الثاني لمحافظ نينوى الذي يشغله عمر المولى، وهو مرشح من قبل تحالف "بابليون". 

 

محاولة للحد من دور الفصائل

 

من جانب آخر، يرى الباحث في الشأن السياسي خالد الدبوني أن دخول عبدالله الياور للانتخابات مفاجئ وغريب جداً خاصة في هذا الوقت تحديداً.

 

ولفت خلال حديثه لـ "الجبال" إلى أن "الياور في انتخابات عام 2009 رشح عدة أشخاص، غير أنه لم يرشح نفسه، رغم أن فوزه كان مضموناً بنسبة 100% في ذلك الوقت، بسبب القوة الشعبية والجماهيرية والعشائرية التي يمتلكها". 

 

وأكد أن "ترشيح الياور في الانتخابات المقبلة، هو لاستعادة حجمه و زعامته لقبيلة شمر، والمنطقة الجغرافية، خصوصاً بعد فقدانه النفوذ والتأثر على النواب والشخصيات السياسية الذين جاء هو بهم إلى العملية السياسية، وقدم لهم كل أنواع الدعم سابقاً".

 

وذكر أنّ "الاعتقاد السائد بأن ترشيح الياور وعودته للمشهد مع شخصيات عشائرية واجتماعية معروفة، سوف يحد من مرشحي الأحزاب والفصائل المسلحة  القادمة من خارج الموصل، والتي لا تمثل محافظة نينوى".

 

ويتحدث أعضاء مجلس محافظة عن سعي أعضاء ضمن الإطار التنسيقي، إلى "الاستحواذ على أغلب اللجان داخل المجلس، ورئاسة الوحدات الإدارية، والدوائر المهمة، الأمر الذي يهدد بعودة المحافظة إلى المربع الأول"، بحسبهم. 

 

ومؤخراً أعلن تحالف "الحسم الوطني" عن  تنصيب شيخ مشايخ قبيلة شمر، عبد الله عجيل الياور، رئيساً لقائمة  "نينوى لأهلها"، خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة الموصل، بحضور عدد من قيادات التحالف وشخصيات اجتماعية

.

التصدي للقوى المتنفذة

 

وقال رئيس تحالف الحسم، وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي إن "انضمام عبد الله الياور، بشخصيته العشائرية المعروفة، يشكل إضافة نوعية للتحالف، ويعزز مشروعه الهادف إلى بناء شراكة حقيقية والنهوض بمحافظة نينوى". 

 

ولفت إلى أن "التحالف يتبنى هوية جامعة تمثل إرادة أهالي نينوى، لا إرادات القوى المتنفذة"، في إشارة واضحة للفصائل المسلحة، التي تمتلك نفوذاً كبيراً داخل المحافظة، يتمثل بالمكاتب الاقتصادية، وسيطرتها على كل مفاصل الموصل، وتحكمها بالحشود العشائرية، بحسب عديدين.

 

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل محمود عزو أن "عودة عبد الله الياور للمشهد السياسي في محافظة نينوى، هي عودة استثنائية وطبيعية في الوقت ذاته". 

 

وأوضح في حديثه لـ "الجبال" أنها "عودة طبيعية لشخصية مارست العمل السياسي سابقاً، ومن حقه العودة، وعودة استثنائية، بسبب طبيعة هذه العودة بعد قطيعة دامت أكثر من 12 عاماً، وفي مرحلة شهدت المحافظة اهتزازات سياسية".

 

وتابع أن "الياور يعتبر شخصية متوازنة بين الشخصيات العشائرية والسياسية، وله تأثير في إحداث التوازنات، خاصة في منطقة غرب نينوى من ربيعة حتى جنوب غرب المحافظة، والتي شهدت قلقاً سياسياً في المرحلة الماضية، وتحديداً في سنجار".

 

وأردف أن "الياور يشكل إضافة قوية لقائمة تحالف نينوى لأهلها، كون القوائم الأخرى رئاستها من خارج المحافظة، وهذا يشكل إضافة أخرى، ومن الممكن أن يقود حراكاً على مستوى نينوى، لا يكون ارتباطه بأي محافظة أخرى".

 

ولفت إلى أن "الأمر جزء من الصراعات والانقسامات داخل قبيلة شمر، والتي أثرت على الوحدة القبلية، بالتالي وجود شيخ العشيرة، يوقف نزيف الانقسامات بواحدة من أكبر القبائل في العراق".

الجبال

نُشرت في الأربعاء 4 يونيو 2025 03:55 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.